-
القاهرة توجه ضربة قاضية لـ ” اتفاقية الحبوب العالمية ” التي ترعاها الأمم المتحدة …
-
تقارير تصف القرار بـ”ضربة قاضية وتحذير عاجل”..
-
مصر نجحت في تأمين احتياجاتها من القمح بتنويع مصادرها العالمية بنفس نجاحها في تنويع مصادر السلاح
-
أحمد رفعت : الخروج من الاتفاقية إنذارا وتحذير من الظلم الذي تتعرض له دول الجنوب
-
نادر نور الدين : الاتفاقية لم تحمي السوق المصرية من الاحتكار والمضاربات الإجرامية في البورصات العالمية
-
علي الإدريسي : انسحاب مصر من هذه الاتفاقية لن يؤثر عليها على الإطلاق
-
مشروع الصوامع القومي حصن الأمان لمخزون القمح لسنوات قادمة بمشيئة الله
–
مصر القاهرة – عمرو عبدالرحمن
أعلنت مصر رسميا قرارا مدويا بالخروج من اتفاقية الحبوب العالمية التي ترعاها منظمة الأمم المتحدة ويسيطر عليها الغرب الأوروبي والأميركي، وهو ما وصفته تقارير بأنه ضربة قاضية للأسواق الخاضعة لهيمنة المنظمة التابعة للنظام العالمي الجديد.
القرار يأتي بعد نجاح مصر في تأمين احتياجاتها من الحبوب بقوة علاقاتها الدبلوماسية شرقا وغربا دون الحاجة لوصاية الغرب، وبعد كسر قيود الهيمنة الأمريكية التي كانت مفروضة عليها طوال العهد البائد تحت مسمي (المعونة الأميركية) التي ألقتها القاهرة في سلة مهملات التاريخ.
–
الخطوة تمثل إعلان استقلال القرار السيادي المصري والقدرة علي التحرر من هيمنة الأمم المتحدة (أداة النظام العالمي الجديد) للسيطرة علي سياسات واقتصادات الدول ومقدرات شعوبها.
–
وجاء القرار استمرارا لقرارها الاستراتيجي الناجح والرائد إقليميا وعالميا بتنويع مصادر السلاح، بعد أن كانت أحادية المصدر (أمريكا والغرب فقط)، بل واتجاهها للتوسع في تصنيع السلاح بل وتصدير إنتاجها للأسواق العالمية بنجاح.
–
وهو ما يمثل خطوة أولي تقود بها مصر توجها عالميا للتحرر من اتفاقيات أخري مفروضة علي الدول، لم تحقق لها أية جدوي اقتصادية أو سياسية، ولم يستفد منها سوي صناعها – وهم أنفسهم صناع منظمة الأمم المتحدة لمصالح نخبة عالمية ضيقة علي حساب الشعوب والدول.
–
- اتفاقية بلا قيمة
–
ووفق وكالات أنباء عالمية، قررت الحكومة المصرية الانسحاب من اتفاقية تجارة الحبوب الدولية التابعة للأمم المتحدة والتي جرى إبرامها قبل عقود، بعد ثبوت عدم جدوي عضويتها حيث لم تفيدها بأية مميزات في ظل الأزمة العالمية الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية.
–
وكشف مسؤول حكومي مصري لـ”سكاي نيوز عربية”، عن تقديم القاهرة إخطارًا يوم 13 فبراير الماضي للمجلس الدولي للحبوب وسكرتارية الاتفاقية، بقرار الانسحاب من الاتفاقية اعتبارًا من 30 يونيو المقبل، وفقًا لما نصت عليه المادة 29 من تلك الاتفاقية، والتي تسمح للدول المنضوية تحت رايتها باتخاذ قرار الانسحاب.
–
ووفقًا لنص المادة 29 من اتفاقية تجارة الحبوب التي اطلع عليها موقع “سكاي نيوز عربية”، فإنه يجوز لأي عضو الانسحاب من هذه الاتفاقية في نهاية أي سنة مالية عن طريق تقديم إشعار كتابي بالانسحاب قبل تسعين يومًا على الأقل من نهاية السنة المالية.
–
وقالت وزارة الخارجية المصرية لوكالة “رويترز”، إن القرار اتخذ بعد تقييم قامت به وزارتا التموين والتجارة، وخلص إلى أن عضوية مصر لا تمثل “قيمة مُضافة”.
–
بدوره، قال المدير التنفيذي للمجلس الدولي للحبوب الذي يشرف على الاتفاقية أرنو بيتي، إن قرار السلطات المصرية “حدث دون إشارة مسبقة”، مشيرا إلى أن عدداً من الأعضاء سيطالبون مصر بإعادة النظر في قرارها.
–
* ما هي اتفاقية تجارب الحبوب؟
–
قرر مؤتمر الحكومات الذي عقد في لندن في 6 يوليو 1995، بدء نفاذ اتفاقية تجارة الحبوب اعتبارًا من مطلع يوليو 1995، بين الحكومات والمنظمات الدولية التي أودعت صكوك التصديق أو القبول أو الموافقة أو الانضمام.
من بين الموقعين على الاتفاقية مستوردو ومصدرو حبوب رئيسيون مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
–
تعد تلك الاتفاقية بمثابة المعاهدة الدولية الوحيدة التي تغطي تجارة الحبوب، ووقعت عليها مصر منذ انطلاقها عام 1995.
–
* تأثير قرار مصر
–
تحدث مستشار وزير التموين الأسبق، نادر نور الدين، عن تفاصيل قرار مصر الانسحاب المفاجئ من اتفاقية الحبوب العالمية.
وقال نور الدين في تصريحات لـR.T إن انسحاب مصر من اتفاقية الحبوب الأممية والتي بدأت أعمالها عام 1995 أثار تساؤلات عديدة عن أسباب هذا القرار ومدى تأثيره على باقي الأعضاء وعلى مستقبل عمل باقي الأعضاء، خاصة وأن هذه المجموعة العاملة في الإتفاقية تعمل على تغطية تجارة الحبوب عالميا وتعنى بتعزيز شفافية أسواق الحبوب وزيادة التعاون التجاري بين الدول في بورصات وأسواق الحبوب العالمية.
وأوضح نور الدين أن انسحاب مصر، الذي سيكون نافذا اعتبارا من نهاية يونيو القادم في ختام السنة المالية لتجارة الأغذية، يعني بأن عضويتها في الإتفاقية لم تضف إليها شيئا وليست ذات جدوى إقتصادية ولا زراعية.
وتابع: “على الرغم من كون مصر أكبر مستورد للقمح في العالم بنحو 12 مليون طنا في العام من إجمالي حجم تجارة القمح العالمية البالغة نحو200 مليون طن سنويا، ورابع أكبر مستورد للذرة في العالم أيضا بنحو 12 مليون طنا في العالم من إجمالي 40 مليون طن للتجارة العالمية، وأنها كانت وحتى وقت قريب تشارك في سوق تصدير الأرز بنحو 2 مليون طن من إجمالي 50 مليون طن حجم تجارته العالمية، ونعتقد أن مصر لم تجد صدى من المنظمة الأممية لأن يكون لأعضاء الإتفاقية دورا مهما في ضبط الأسواق العالمية وأن تقدم المساعدة للدول النامية المستوردة لغذائها خاصة الدول الإفريقية، حيث استغل البعض الأزمة الروسية الأوكرانية الأخيرة في مضاعفة أسعار الحبوب عالميا وجنوا من ذلك أرباحا كبيرة غير مشروعة إستغلالا للأزمة”.
وأشار نور الدين إلى أنه من قبل ذلك حدثت أزمة الغذاء العالمية لعامي 2011/2010 بسبب تنامي إستخدام الغذاء في إنتاج الوقود الحيوي ومنافسته للإنسان في غذائه، وبما ضاعف أيضا أسعار الحبوب وقتها ووصل سعر طن القمح إلي 480 دولارا للطن، ومن قبلها أزمة عامي 2008/2007 والتي وصفها سكرتير عام الأمم المتحدة وقتها بأنها بسبب مضاربات المجرمين في البورصات العالمية وأيضا ارتفعت معها أسعار الحبوب للضعف وخسرت الدول الفقيرة نحو 1% من ناتجها القومي بما أثر كثيرا على مشروعات رعاية الفقراء وتحسين المعيشة في الريف وأضر بالفقراء كثيرا.
وأكد أن مصر نادت بأن يلعب أعضاء هذه الإتفاقية الأممية دورا في المساعدة على عدم استغلال الأزمة الروسية الأوكرانية الأخيرة بعدم رفع الغرب لأسعار الغذاء بهذه النسب الضخمة، ولكنها لم تجد صدى لذلك وتضررت مصر واقتصادها كثيرا من هذه الأزمة والتي كانت أهم أسباب تراجع سيولتها من العملات الأجنبية وإرتفاع معدلات التضخم بها ثم خلقت بعد ذلك أزمة سيولة في العملات الأجنبية أدت إلى تراكم شحنات الحبوب في الموانىء المصرية وتأخير الإفراج عنها بسبب نقص السيولة من العملات الأجنبية والتي تبعتها تحرير صرف العملة بما ضاعف الأسعار، خاصة وأن العالم كان قد خرج لتوه من أزمة كوفيد 19 والتي أثرت كثيرا أيضا على مدخولات واقتصاديات الدول الفقيرة، وسلاسل الإمداد الدولية وبالتالي تكاليف استيراد الحبوب. وعلى الرغم من أسف رئيس وأعضاء الإتفاقية الأممية للحبوب على قرار مصر وأن ستسعى إلى إقناع مصر بالعودة عن قرارها، إلا أن مصر قد لا ترضخ للأمر طالما كانت الإتفاقية بلا دور فاعل في أسواق تجارة الحبوب العالمية وليس لها دور في السيطرة على أسعارها وقت الأزمات.
وأوضح مستشار وزير التموين الأسبق أنه من المعروف أن مصر كانت المستورد الأكبر للقمح الأمريكي حتى عام 2005 ثم تحولت تدريجيا إلي السوق الروسية وأصبحت الآن تستورد نحو 80% من وارداتها من القمح من روسيا بسبب قرب المسافة والتي تقل عن 10 أيام إبحارا فقط بالمقارنة بنحو من 24-28 إبحار للقمح الأمريكي والكندي والأرجنتيني، وكذلك إنخفاض أسعار القمح الروسي عن كل من القمح الأمريكي والإسترالي دون وجود فارق ملموس في النوعية، وكذلك انخفاض نسبة الرطوبة في القمح الروسي وهو غير متيسر في أقماح عدد من المناشئ الأوروبية، وتبعت مصر في ذلك بعض الدول العربية مثل لبنان والأردن والعراق والجزائر والمغرب والسودان واليمن، خاصة بعض وفرة المعروض من القمح الروسي للتجارة والذي تجاوز 50 مليون طنا في العام الماضي، مقارنة بنحو 22 مليون طنا فقط من القمح الأمريكي.
–
* تنويع مصادر القمح
–
من جانبه، قال الباحث في شؤون الأمن القومي، أحمد رفعت، إن الأصل في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية أن يتم مراعاة مصالح أعضائها والموقعين عليها في مختلف القضايا على اختلاف تنوعها تجارية وبحرية وبيئية واقتصادية وخلافه، ولا تكون المعاهدات والاتفاقيات عملا لاستهلاك الوقت والجهد ولا للاستهلاك الاعلامي ولا للتسلية.
–
وتابع رفعت في تصريحات لـR.T: “عندما يكون سوق الحبوب في العالم بلا ضابط أو رابط تكون اتفاقية كالحبوب غير موجودة عمليا..
ففي ظل الأزمة تتوارد الأنباء علي حصول دول ومناطق بعينها علي النصيب الكاسح منها بغض النظر عن احتياجات باقي دول العالم، مما يكرر مأساة لقاحات كورونا، ومما يعكس كيل بمكاييل متعددة وعدم وجود معايير وبالتالي تقدم مصر إنذارا كبيرا وتحذيرا مدويا عن هذه الازدواجية وهذا الظلم الذي تتعرض له دول العالم خصوصا في إفريقيا وجنوب الكرة الأرضية كله”.
وأشار إلى أن مصر تكشف عما يجري في سوق الحبوب، حيث تفعل مصر ذلك وهي قد نوعت مصار القمح وتقترب من عشرين دولة وليس روسيا وأوكرانيا فقط كما يتوهم البعض، وهناك رومانيا وفرنسا بل وكندا واستراليا واذربيحان والهند وغيرها حتى لو ظلت (روس.يا) المورد الاول والأكبر والأهم، قابل ذلك مشروع الصوامع في مصر بما يرفع القدرة على التخزين لعام كامل لضعف الكمية ستصل إلى 4 مليون طن وكذلك تقليل الإهدار وتكلفته، ربما ينبه التحذير المصري العالم إلى مأساة حقيقية في سوق الحبوب”.
–
* اتفاقية بلا أمان
–
وعن أسباب انسحاب مصر من الاتفاقية، قال نائب مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، وأستاذ الاقتصاد، علي الإدريسي، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”:
تابعنا خلال العام الماضي أزمة الحبوب العالمية والارتفاعات المستمرة، ومصر من أكبر مستوردي الحبوب على مستوى العالم وتعتمد بشكل رئيسي علي استيراد الحبوب من روسيا على وجه التحديد.
هناك صراعات راهن بين روسيا من جانب، والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من جانب آخر، فضلا عن إقرار عدة عقوبات اقتصادية متبادلة، وبالتالي لم تجد مصر أي تأمين لاحتياجاتها من القمح من هذه الاتفاقية أو الحفاظ على مصالحها بالشكل المتوقع”.
القاهرة بذلت جهودًا كبيرة للغاية على مدار العام الماضي لتأمين احتياجاتها من الدول المختلفة، واستطاعت الصمود أمام هذه الأزمة التي يمكن أن تهدد الأمن الغذائي في مصر.
كانت تعول مصر على دور قوي لاتفاقية تجارة الحبوب الأممية خلال أزمة الحبوب منذ اندلاع الحرب، وكانت تنتظر أن يكون لها دور مباشر في تأمين احتياجاتها من الحبوب، لكن هذا لم يكن واضحًا خلال الفتره الماضية.
–
* هل يؤثر الانسحاب على جهود مصر لتأمين احتياجاتها؟
–
انسحاب مصر من هذه الاتفاقية لن يؤثر عليها على الإطلاق، لأن مصر استطاعت من خلال علاقاتها السياسية والدبلوماسية مع معظم دول العالم أن تؤمن احتياجاتها في الفترة الماضية، كما تمكنت من استيراد القمح من بلدان جديدة مثل الهند على سبيل المثال.
–
الاتفاقية ستخسر بالتأكيد عضوية مصر باعتبارها أكبر دولة في العالم مستوردة للقمح، لكنها لم تتمكن من تنظيم الاتفاقات والأمور الدولية الخاصة بالأسعار وعمليات التبادل التجاري في الحبوب بشكل عام والقمح علي وجه التحديد.
–
أعتقد أن القرار المصري يعطي ورسالة واضحة بأن الاتفاقات يجب أن تكون ذات جدوى، أما التي دون عائد تنظيمي أو منظم ومُسيطر على الأسعار أو على التجارات المهمة كالحبوب بشكل خاص، فإنها ستكون دون عائد منها.
–
- تعاون مصري – روسي
= إلي ذلك، كشفت مصادر لـRT عن ارتباك كبير في الأوساط السياسية والاقتصادية الأمريكية، عقب الاتصال بين الرئيس عبدالفتاح السيسي، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
المصادر تحدثت عن أمور وتغيرات كبيرة طرأت لم يتم الإعلان عنها بعد، أبرزها إبلاغ مصر لروسيا بانسحابها من اتفاقية الحبوب الأممية الأمر الذي أدي إلى ارتباك كبير لدى أمريكا وحلفائها من الدول الغربية.
وأشارت المصادر إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي على الأرجح أبلغ الرئيس الروسي بأنه مصر ستنسحب من هذه الاتفاقية، بعد الكثير من المناوشات والمعايير المزدوجة في التعامل مع مصر والدول الأخرى فيما يخص القمح.
ونوه بأن الدول الغربية تريد فرض سيطرتها على مصر فيما يخص الحبوب، وعدم استيراد أي أقماح من روسيا، حيث لوحظ خلال الفترة الأخيرة وصول كميات كبيرة من القمح الروسي إلى الموانئ المصرية.
ويأتي انسحاب مصر من الاتفاقية، في الوقت الذي تحدثت فيه السفارة الروسية لدى القاهرة أن الأمريكيين والأوروبيين عجزوا عن تعطيل إمداد مصر بالقمح الروسي، موضحة أن الإمدادات يمكن أن تصل إلى 8 ملايين طن في العام الزراعي 2022-2023.
وقالت السفارة الروسية بالقاهرة: “لن يحقق الغرب أهدافه. على سبيل المثال، فشل الأمريكيون والأوروبيون في تعطيل إمداد مصر بالقمح الروسي.
ورغم كل العوائق التي خلقها الغرب، بل على العكس، فقد نمت هذه الإمدادات ويمكن أن تصل إلى 8 ملايين طن في العام الزراعي 2022-2023. في الوقت عندما يتم إرسال الحبوب الأوكرانية بشكل أساسي إلى أوروبا لدفع ثمن الأسلحة المنقولة من هناك إلى نظام كييف لمواصلة الحرب تساعد روسيا أصدقاءها المصريين”.
–
حفظ الله مصر